بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 31 أكتوبر 2013

الجزء الثانى:-علم تفسير العهد القديم المبنى على اللغة العبرانية

الجزء الثانى:-علم تفسير العهد القديم المبنى على اللغة العبرانية
المبادىء التطبيقية لعلم التفسير المبنى على اللغة
 

مقدمة

  يقول الكتاب فى رسالة بطرس الرسول الأولى 2 :  5 “ كونوا أنتم أيضآ مبنيين كحجارة حية بيتآ روحيآ كهنوتآ مقدسآ لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح “.
 ومعـــنى تعبير الذبائح الروحية هو : - 
التقدمات التى يقدمها المؤمن أمام عرش الله والتى تتمثل أولآ فى ذاته ، لأنه قد صـــــــــُلِبَ مع المسيح ، ويحيا ليس كذاتٍ لها فضل فيما تقدمه ، ولكن يصير كل ما فيه من صلاح مـــلكآ للرب يسوع الذى إفتداه وإشتراه بدمه ، وثانيآ فإن تلك الذات التى سلمها المؤمن ملكآ لـــــلذى إفتداه تقدم - كعضو فى جسد المسيح -  الصلاة والتسبيح والخدمة والعطاء وما إليه من تقدمات حب يقدمها المؤمن أمام عرشه ، ويجب أن يتوافر فيها كل ما كان يجب أن يتوافر فى الذبيـــــــــحة المعروفة فى العهد القديم .
 مثل : - خروف الفصح كان يجب أن يكون صحيحآ ، شابآ ،  يقدمه  الفرد من شعب الله ،  بكل رضى ، لكى يقبل الله هذه الذبيحة ، ولأن الوعظ هو مثل التسبيح والصلاة والعطاء ، ذبيــــــحة يقدمها الواعظ على مذبح الخدمة ، فيجب أن يكون كذلك صحــيحآ ليس فقط من ناحية توافر ما يوصى به علم الوعظ ، أو الصلاة التى يرفعها الخادم فى طلب الأستنارة لأجل أن يحظى بإرشاد بشأن التعليم الصحيح ،  ولكن هناك أيضآ الفحص الدقيق للكلمة وفهمها الصحيح على النــــحو الذى خرجت به هذه الكلمات فى الأصل اللغوى بواسطة الروح للكتبة الملهمين.

ولعل"إقرار الأيمان الوستمنسترى"، والذى يعتبر أحد المراجع الرئيسية للدساتير المعمول بها فى الكنائس الكتابية كافة، وهو يورد النص كما أشار به"مارتن لوثر"فى مقولته الشهيرة التى لا يعرفها الكثيرين على نحو دقيق عندما قال:"الكتاب المقدس هو القانون الوحيد المعصوم من الخطأ للأيمان والأعمال فى لغاته الأصلية"،ولكن المحدثين ينسون التعبير"فى لغاته الأصلية"  عند ترديد هذه المقولة، فما دام نص الكتاب يستخدم اللغة وسيلة للتعبير عن فكر الله،فإن على الخادم أن يتعرف على تلك اللغة الأصلية ليستزيد من فهم هذا الفكر ليوصله بأمانة كما هووكما كان مقصودآ من وراء كلماته  للآخرين أيضآ.

أهمية العودة لدراسة الكلمة فى لغتها الأصلية

أولآ

كانت اللغات القديمة التى كُـتِبَ بها الكتاب المقدس ، وغيره من كتابات أثرية قديمـــــة للشعوب التى سكنت فى الشرق ، فكانت تحتوى على عدد من الكلمات أقل مما هى عليه فى اللغــــــــــات الحديثة ، وقد حدث ذلك بفعل التطور حيث أستُحدِثَت كلمات ،حتى الكلمات الأصلية القديمة غير المُستَحدّثة ، توالى عبر العصور إشتقاق كلمات أخرى من الأصل ، للتعبير عن معــــــــانى أكثر تخصصآ ودقة مما كانت عليه اللغة القديمة ونتج عن هذا التـــــــــطور اللغوى فى المفردات أن صارت الكلمة الواحدة المعروفة فى اللغة القديمة عدة مدلـــولات أو مـــــعانى بالإضافة للكلمات الجديدة الدخيلة على اللغة ، عبر عصور طويلة من التفاعل مع اللغات الأخرى فنتـــــج عن ذلك تزايد فى كمية الكلمات التى تحتويها اللغات الحديثة ، وهى لا تزال مســـــتمرة فى التزايد طالما  بقى الإنسان على ظهر الوجود.
 ولكن المترجم أنتقى من بين هذه الكلمات أقربـــــها فى المعنى للغة الأصلية  فى المكان الذى يوجه له تلك الترجمة وفى الزمان الذى تتم الترجمة فيه .
 فترجمته هى عبارة عن محاولة لتقريب المعنى لذهن القارىء ، ولكنها لا تنقل له كل مـــــا فى الأصل من معانى وخصوصآ عندما يختلف زمان القارىء مع زمان الترجمة أو تختلف البـــــيئة التى يحيا فيها عن البيئة التى كان المترجم يعيش فيها.

ثانيآ

إن تعدد الترجمات الحديثة يجعل الكاتب متحيرآ فى تحديد مدى قرب أو بعد ترجمـــــــــةٍ ما عن الأصل ، هذا الإختلاف ربما ينشأ عنه ضلال فكرى .
مثلآ :- قول الرسول يعقوب بالروح القدس فى رسالته الأصحاح الخامس والعدد 14"أمريـض أحد بينكم فليستدع شيوخ الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت بإسم الرب ---- ألخ".
 هناك ترجمة أخرى تقول"فليستدع قسوس الكنيسة".
فهل المقصود قسوس أم شيوخ ، إذا كانت (قسوس) فهى محاولة من المترجم لقصر دور هـــذا النوع من الصلاة على أفراد القسوس اللذين يعتقد الفكر التابع له المترجم أنهم هم وحــــــــدهم الكهنة(وهذه الترجمة هى اليسوعية - الخاصة بالكاثوليك).
أما لو كانت (شيوخ) فإنها صلاة لا تتخذ هذه الصفة الكهنوتية المتخصصة كأساس لمــــمارسة هذا النوع من الصلاة .
ولا سيما بسبب إرتباط معنى كلمة"قسوس"عند أتباع المترجم بمعنى"الكهنوت"الذى ظـــــنوه خاصآ بالقساوسة دون غيرهم من عامة الشعب شيوخهم مع شبابهم .
والآية فى الترجمة العربية هى 
"أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ"
 وهى كما يلى فى لغتها الأصلية اليونانية الهيلينستية المسماة الكوينى:-
ἀσθενεῖ τις ἐν ὑμῖν; προσκαλεσάσθω τοὺς πρεσβυτέρους τῆς ἐκκλησίας, καὶπροσευξάσθωσαν ἐπ' αὐτὸν ἀλείψαντες [αὐτὸν] ἐλαίῳ ἐν τῷ ὀνόματι τοῦ
 κυρίου:
 ومن هنا نجد أن واقع النص فى الأصل يؤيد كلمة شيوخ فالكلمة الأصلية هى "
بْرِسبيتيرُوسْ" πρεσβυτέρους فبالرغم من كون نفس هذه الكلمة قد تم إستخدامها للتعبير عن القـــــسوس ولكن بمعنى لا يبعد مكانتهم عن نظرائهم من أفراد الشعب ، فقد أطلقوها عليهم كشيوخ من بين جملة الشيوخ العلمانيين الموجودين فى الكنيسة ، حتى لو كانوا غير متفرغين للخدمـــة الدينية  فالكهنة لها كلمة أخرى غير الكلمة التى إستخدمها الرسول يعقوب ولم يستخدم العهد الجـــــديد هذه الكلمة على الإطلاق للتعبير عن لقب لأحد الخدام سواء كانوا من الرسل أو تابعيهم ، وهـذه الكلمة هى "إيروس"ورؤساء الكهنة هم "إيروسولوما" εροσόλυμα كما النص الموجود فى مرقس 10 : 33
"هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُـــــــمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ..."
ὅτι Ἰδοὺ ἀναβαίνομεν εἰς Ἱεροσόλυμα, καὶ  υἱὸς τοῦ ἀνθρώπου παραδοθήσεταιτοῖς ἀρχιερεῦσιν καὶ τοῖς γραμματεῦσιν, καὶ κατακρινοῦσιν αὐτὸν θανάτῳ καὶπαραδώσουσιν αὐτὸν τοῖς ἔθνεσιν
 وبذلك يكون النص فى لغته الأصلية (أو) فى قصد الكاتب بالروح القدس أنه يضع القسيس على نفس درجة أى شيخ من شيوخ الكنيسة سواء الشيوخ بسبب كبر سنهم أو بحكم الوظيفة المفرزين لها من الكنيسة فيعطى الحق لممارسة هذا الإفتقاد والزيارة والصلاة لكل الـــــشيوخ حتى لو كانوا من غير الشيوخ المعينين بواسطة الكنيسة أو القسوس ولكن كما يـــــشير النص من بين المنتمين للكنيسة .
وهكذا يكون إستخدام اللغة الأصلية لفهم المعانى الأصلية ولدراسة النص كلمة كلــــــمة ، حتى يتكون لدى الدارس فكرة قريبة من فكر الكاتب على قدر الإمكان بغض النظر عما لحق بالنص عند قراءته باللغات الحديثة من معانى تم إستحداثها على مر الزمان .

ثالثآ

الكلمات التى كانت موجودة فى اللغة الأصلية والتى إستخدمها الأنبياء الملهمون كانت مُستمَــدة من بيئتهم الأصلية وكانت تعكس معانى معينة يجب على الدارس أن يستحضرها من القامــوس لكى يتسنى له فهم صورة أكثر دقة للمعنى.
من أجل ذلك كانت دراسة اللغة القديمة كأساس لدراسة التفسير للكتاب المقدس ، هذه الدراسـة التى تثرى ذهن الخادم بمزيد من المعانى ، تكلل خدمته بالأمانة فى توصيل الرسالة ، على نحو أكثر توفيقآ.

خطوات دراسة الكتاب المقدس بناء على اللغة الأصلية

أولآ

الرجوع للكتاب المقدس فى لغته الأصلية ، وهى بالنسبة للعهد القديم موضوع دراســـــــتنا هى اللغة العبرانية ، ومن الممكن أن يتوفر لدى الطالب نسخة من العهد القديم باللغة العـــــبرانية ، وهو متوفر فى مكتبات"دار الكتاب المقدس"، ومن الممكن للطالب الإعتماد على الإنترنت فى توفير هذه النسخة لديه ، وذلك بأن يحتفظ فى الكمبيوتر الخاص به بنسخة من برنامــــج العهد القديم باللغة العبرانية ضمن برامج كمبيوتره ، ويمكن تحميلها مجانآ من الإنــــترنت أو مطالعة الكتاب مباشرة من شبكة النت أون لاين ، وهناك موقع يوفر هذا للطالب وفيه إمكـــــانية سماع الكتاب باللغة العبرانية مقروءة بشكل صحيح مع كتابتها على نحو دقيق وهذا الموقع هو   :-
http://www.mechon-mamre.org/p/pt/pt0.htm
  
ويمكن تحميل نسخة من العهد القديم منه ، أو الأكتفاء بالإطلاع عليها وبالتالى تضطر للعودة إلى نفس هذا الموقع ، وأنا أفضل تحميله بالكامل داخل الكمبيوتر من ذلك الموقع ، وبالحصول على النص يمكن للطالب من إعادة كتابة النص فى دفتر خاص مُفصِلآ إياه ، كلمة كلمة ويجعل لكل كلمة سطر خاص بها تكتب فى أوله ثم يأتى بعدها ما يلى :-

ثانيآ

بالرجوع لدراستنا السابقة يدرك الطالب الذى إستوعب المجرد والمزيد والضمائر المتـصلة من تجريد الكلمة من كل ما زيد بها من حروف زائدة ، فإذا كانت ضمائر متصلة فهو يجـــــــدها فى نهاية الكلمة( تمامآ مثل اللغة العربية) والأصل دائمآ يكون ثلاثيآ ، ولكن قد يكون فى نـــــــهاية الكلمة ضمير متصل مثلו أو ה أو ך أو י أو ם أو ן أو כן أو כם أو נו أو הן أو הם----- ألخ.
كما أنه قد يجد الفعل مزيدآ بحروف زائدة عليه إخراجها ليصل لأصل الفعل مثلآ : -
قد يكون فى صيغة هفعيل وهذه الصيغة مزيدة مثل سائر الصيغ الأخرى هتِفْعِل أو هُفْعِــــــــل أو نِفْعِل ، وفى حالة هِفعيل كمثال فإنها مزيدة ب( 
ה )” هيث “  فى بدايتها و ( י ) “ يوديه “ قبل الأخر مثال كلمة הקטיל مجردها على وزن فعل ( فالكلمة فى مصدرها تتكون من الحــــــــروف المقابلة للحروف الثلاثة "فعل"فقط ) وبالإنجليزية عندما يدرسون العبرية يطلـــــقون على هذا الوزن الثلاثى إسم وزن "كول" وهو بالنسبة للكلمة التى إتخذناها مثالآ نجده فى الحــــــــروف الثلاثة الأصلية فيها وهذه الحروف هى (קטל) وبذلك يتوفر للطالب معرفة حروفــــــها الأصلية التى يبحث عنها فى القاموس.
ولكن يمكن للطالب ألا يتعب نفسه فى عملية التجريد ، ولا سيما إذا كان لم يستوعب تـــــــــمامآ قواعد اللغة وكيفية تجريد الكلمة ، فإنه يجب أن يتوافر لديه  كتابآ لتحليل اللغة العبرانية وهـــو متوفر ولكن بسعر أغلى ويطلق عليهAnalytical Hebrew Lexicon " " أنظر النمـــــــــــــوذج الموجود فى نهاية هذا الجزء لتجد صورة لإحدى صفحاته مُذيَلة بشرح عن كيفية إستخدامه .
فما على الطالب عندما يتوفر له الكتاب هذا، إلا أن يفتش عن الكلمة التى تصادفه كما هـى دون تجريد أو خلافه ، فيهديه المحلل بتتبع الكلمة من أول حرف موجود بها كما هى بدون تجريـد ، ثم الحرف التالى ، وهكذا حتى يصل للكلمة ذاتها ، فيهديه المحلل لأصل الكلمة وبذلك يتم البحث عن معناها فى القاموس.
وفى هذه الخطوة الثانية يكتب الطالب إلى جوار الكلمة العبرانية التى أفصل لها سطرآ خاصـــــآ ( كما إتفقنا فى الخطوة أولآ )ليسجل أصل الكلمة وإلى جوارها المعنى الذى إلتقــــــــــــــطه من القاموس ، مع كافة مرادفاتها ، وخصوصآ عندما تُصاغ الكلمة بنفس الصياغة الموجودة لديـه 

ثالثآ

يأتى الطالب بإحدى الترجمات التى يستخدمها فى دراسته ، لكى يفتش عن المعنى الذى فَضَّـــلَهُ المترجمون لترجمة هذه الكلمة ويكتبه إلى جوار المعنى الذى وجده فى القاموس بعد تحـــــــليل الكلمة ، والكلمة موجودة فى أول السطر كما إتفقنا .
ثم
 
يكرر هذه المحاولة مع ترجمة أخرى للكتاب المقدس ، ويكتب ماتوصل إليه من ترجمة للكلمة جوار ما توصل إليه من ترجمة للكلمة.
وسوف يكتشف الدارس حكمة كل ترجمة من إختيار المدلول - أو الترجمة مقابل الكلمة - الذى توجه إليه المترجمون ، ويتمكن من المفاضلة بين الترجمات المختلفة ، ولكن يجـــــب أن تكون حذِرآ ، فقد تفضل ترجمة ما تفوقت فى ترجمة النص الذى تدرسه اليوم ، لكنك غــــــدآ قد تفاجأ بأن الأخرى قد تفوقت عليها فى نص آخر ، وهذا هو سر إرتباطك بالكلمة الأصلية والبــــــــحث عنها فى القاموس وعدم الركون لترجمة معينة بذاتها على نحو دائم .
وبعد إنتهاءك من كلمة ، إبحث عن الكلمة التالية وتكتبها فى بداية سطر جديد ، وقم بنفــــــــس الخطوات السابقة تجاهها ، حتى تصل لآخر كلمة ،  وسوف تجد نفسك فى النهـــــاية قد حصلت على صورة دقيقة عن فكر الكاتب الأصلى لذلك الجزء الذى أردت دراسته وسوف تجد أنــــك قد توصلت للمعنى فى نصه الأصلى.
والصفحات التالية سوف تخصص لعمل مثال عملى لمثل هذه الدراسة. 
فإليك مثال لإحدى صفحات كتاب من كتب

التحليل اللغوى للعبريةAnalytical Hebrew Lexicon  
سوف تلاحظ أن بداية الصفحة مكتوب فى أعلاها كلمتين والتى توجد عن اليمين هى :-  כמגפה - כמלחמה وهى أول كلمة فى الصفحة عن اليمين – آخر كلمة فى تلك الصفحة .
وهذه الكلمة الأولى
 (כמגפה ) هى مزيدة بحرف (כ )  ومضاف إليها ضمير الوصل ( ה) ومع ذلك لا تحتاج لدراسة متعمقة فى قواعد العبرانية لتجريدها ، بل تجدها موجودة كما هى ، وأكثر من ذلك فإنه يتولى بالشرح لك وتبصيرك بما هو المزاد عليها ، وما هو مصدرها ، لتــــــــتولى البحث عنها فى الصفحة التى تحتوى على المصدر فى القاموس ،  وهى هنا تتبع المصدرנגף فتبحث عنها متتبعآ נ وهى الحرف الأول من كلمة المصدر وتتبعها بما يليها من ג ثم ף وهكـذا 





ليست هناك تعليقات: